الحمد: هو الثناء والإمتنان لرب العالمين، والشكر على نِعَمه الكثيرة، وآلائه الجسيمة، مبتغى ومنتهى الشكر لله، فيحبُ أن نَحمد الله ونُثني عليه في إبتداء وإنتهاء كل أقوالنا وأفعالنا، فالثناء على الله تعالى يكون بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العُلى، وأفعاله العظمى، وذكر آلائه ونعمه على عباده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كلُّ أمرٍ ذي بال لا يُبدأ فيه بالحمد لله، فهو أقطع».
وما جاء في الثناء قبل الدعاء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب السموات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِرُ فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدَّين، وأغنِنا من الفقر».
وأن يُدعى الله عزَّ وجل بإثبات الحمد له والمنَّة، وأنه تبارك وتعالى ذو الجلال والإكرام.
عن عبدالله بن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: «اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيَّام السموات والأرض، ولك الحمد أنت ربُّ السموات والأرض ومَن فيهنَّ، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدُك الحق، ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، والساعة حقٌّ، اللهمَّ لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمت، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وأسررتُ وأعلنتُ، أنت إلهي لا إله إلا الله أنت».
وأن نجعل الألسنَ مُعطَّرة ومُبتهِجة بذِكر وحمد الله، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولدُ العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتُم ولد عبدي؟! فيَقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟! فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمِدَكَ، وإسترجَع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمُّوه بيت الحمد».
•- الحمد لله أن هدانا إلى الإيمان، وأنزل القرآن على نبيِّنا ورسولنا خاتم المرسلين، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} [الكهف:1].
•- الحمد لله أن بعثَ فينا رسول الله الذي أخرجَنا من الظلمات إلى النور، قال تعالى: {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق:11].
•- الحمد لله أن جعل الرسول الأمين شفيعنا يوم القيامة وشهيدًا، قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء:41].
•- الحمد لله أن بعَث فينا رسول الله الأمي العربي هادينا ومعلمنا، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164].
•- الحمد لله أن جعل الإسلام لنا دينًا، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:3].
•- الحمد لله أن جعَلنا خير أمة، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110].
•- الحمد لله أن جعَلنا أمة وسطًا، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].
•- الحمد لله أن جعلنا أمة واحدة، قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92].
•- الحمد لله أن خلَقنا من نفس واحدة، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف:189].
•- الحمد لله أن أنعم علينا بالقرآن هُدى ورحمة، وأنعم علينا بنعمة الإصغاء والإنصات له كي نتدبر معانيه، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].
•- الحمد لله أن جعل لنا أركان الإسلام الخمسة، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بُني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».
•- الحمد لله على كل هذه النعم التي خصَّنا الله بها، فيجب علينا نحن الأمة الإسلامية أن نتعاون، ونتحابَّ وننصهِر في بوتقة واحدة، وأن نُجاهد في سبيل الله، ومن أجل كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، في كل شبر يتربَّص به أعداء الإسلام في بقاع العالم الإسلامي، وأن نَنصُر إخواننا المسلمين أينما كانوا، حتى ننعم بروح الأخوة، ونُجسِّد قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10].
وأن نُجاهد من أجل عِزَّة وسيادة الأمة الإسلامية، وألا نجعل همَّنا القِمم، بل صوبنا إلى القيم والأخلاق، والمثُل الإسلامية التي نصبو بها إلى قِيم الحضارة الإسلامية المنبثقة من الكتاب والسنَّة النبوية الشريفة، التي أرسى دعائمها قائدُ الغرِّ المحجلين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وازداد نَشرُها على أيدي صحابته الكرام الذين أدَّوْا إلينا هذا الدِّين، وأن نقف أمام كل مَن يتطاول بلسانه عليهم، رضوان الله عليهم، وأن نجسِّدَ قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تسبُّوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه».
وأيضًا ما رُوِي عن أبي زُرعة الرازي قال: إذا رأيتَ الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلَمْ أنه زنديق، وذلك أن رسولَ الله حق، والقرآن حقٌّ، وما جاء به حق، وإنما أَدَّى إلينا ذلك الحق كله الصحابةُ، وهؤلاء يريدون أن يَجرحوا شهودنا، ليُبطلوا الكتاب والسنَّة، والجَرح بهم أولى، وهم زنادقة.
وأن ندافع عن هذه الحضارة ونسمو ونعتز بها في محافلنا، وأن نجعلها ديدنًا لنا ومنهاجًا إلى طريق الصلاح، وأن يكون زادنا في السموِّ والارتحال كتاب الله وسنَّة رسوله الأمين، والحمد لله رب العالمين.
الكاتب: هالة فاروق عمر.
المصدر: موقع الإلوكة الشرعية.